تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {إلى الكعبين}

صفحة 70 - الجزء 3

  وعن المنصور بالله: مجرد التألم يبيح الصلاة من قعود وإن لم يخش مضرة، وكذا هنا، ويحكى عن الإمامية، وأهل الظاهر: أن مجرد المرض يكفي، وإن لم يخش علة، وقد اختار هذا السيد يحيى، وتقدم [في سورة البقرة]⁣(⁣١) ما روي عن إسحاق، وابن سيرين، وإنما اشترط الأكثر حصول مضرة بالوضوء لإباحة التيمم؛ لأنهم فهموا من المعنى المعقول في إباحة التيمم للمريض إنما هو لدفع الحرج والمشقة، لا لمجرد اسمه، ولهذا قال تعالى: {ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} كما فهموا ذلك لجواز الفطر من قوله تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وهذا قول مالك، وأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، وقال في قوله الآخر: لا يبيحه إلا خشية التلف.

  قلنا: إنه تعالى أباحه للمريض ولم يشرط التلف، ولأن هذا واجب فسقط بخشية المضرة، كترك القيام في الصلاة، وترك الصوم في رمضان.

  البحث الثاني

  هل يشترط في حق المريض أن لا يجد الماء أم لا؟

  فقال أكثر العلماء: إن ذلك غير شرط: وإن قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا ماءً} لا يعود إلى المريض.

  وقال الحسن وعطاء: بل ذلك شرط يعود إليه، وإلى المسافر، فمن ثم قالا: يجب على المريض الواجد للماء الوضوء، ولو خشي الهلاك ليخرج من عهدة الأمر.

  قلنا هذا غلط لوجوه:

  الأول: أن الله سبحانه قال في سورة البقرة:

  {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وقال تعالى في سورة النساء: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}.


(١) ما بين القوسين حاشية في بعض النسخ.