قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله}
  قال القاضي: لأن ما لا يمكن الامتثال فيه إلا ببيان فهو مجمل؛ لقول الله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} وما كان يمكن الاختيار فيه فليس بمجمل، وإن احتاج إلى بيان ما يخرج منه كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} وما أخرج منه تخصيص له.
  وأما بيان السارق: فهو من يأخذ مال غيره خفية من الحرز.
  وأما لو جحد الوديعة فإنه لا يسمى سارقا، فلا يستحق القطع.
  وقلنا: خفية؛ لأن المنتهب، والطرار، والمختلس لا يسمى سارقا فلا قطع عليه، وفي الحديث عنه ÷ (ليس على الخائن، ولا على المختلس، ولا على المنتهب قطع).
  وقلنا: من الحرز؛ لأن من أخذ من غير حرز فليس يسمى سارقا شرعا، فلا قطع عليه عندنا، وأبي حنيفة، وأصحابه، والشافعي.
  وقال داود، وابن حنبل: من استعار شيئا فجحده فعليه القطع.
  قال الحاكم: اختلفوا فقيل: يؤخذ اشتراط الحرز من الآية، وقيل: من غيرها، قال: والأول أصح؛ لأن غير المحرز لا يسمى سرقة(١)، وإنما يؤخذ غصبا ونهبا.
  وقد ورد في الحديث ما تقدم من قوله ÷: «لا قطع على المختلس والمنتهب» وفي حديث عمرو بن شعيب في حريسة الحبل أنه ÷ قال: (فيها غرامة مثلها، وجلد أو نكال، فإذا أواه المراح، وبلغ ثمن المحن ففيه القطع).
  قيل: حريسة الحبل: هي الشاة تحرس في الحبل فتسرق، وإنما يستحق القطع إذا كان بالغا؛ لأن القلم مرفوع عن الصغير، ولا بد أن يكون عاقلا لذلك.
(١) في أ (لأن غير الحرز لا يؤخذ سرقة).