وقوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما}
  استدلوا بقوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} وهذا يتناول من دخل الحرم، كما يتناول من أحرم، فلهذا قال الراعي:
  قتلوا ابن عفان الخليفة محرما
  يعني: في حرم المدينة.
  وأما الجزاء الذي يجب على من دخل في الإحرام، فقد أوجبه مالك، والشافعي على من دخل في الحرم؛ لأنه يطلق عليه أنه محرم، كما سبق.
  وقال أهل المذهب، وأبو حنيفة: لا يجب هنا؛ لأنه منع من ذلك لحق الغير، فأشبه الحلال إذا قتل صيدا مملوكا، والاستدلال بالآية على تحريمه، وهي قوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} يلزم منه ما قاله مالك، والشافعي، ويلزم تحريم صيد البر على من دخل الحرم، وإن صيد من غير الحرم لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً} وقوله ÷: «لا ينفر صيدها» لا يلزم منه ذلك(١).
  ولو أن الرامي كان في الحرم فرمى صيدا إلى الحل وهو حلال، فحكى الفقيه محمد بن يحيى عن أصحاب الشافعي وجوب الجزاء، وهذا جلي على استدلالهم بقوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} أنه يجب في ذلك الجزاء.
  قال الفقيه محمد بن يحيى: ولا نص لنا، قال: والأقرب أن لا شيء عليه(٢)، والوجه فيما ذكره الفقيه محمد بن يحيى: أن هذا ليس من صيد الحرم.
(١) أي: لا يلزم منه تحريم صيد الحل على الحلال الداخل في الحرم.
(٢) وهو المختار للمذهب.