وقوله تعالى: {ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها}
  فأما إذا كان عليه حق وهو فقير، فالمفهوم من الخبر أنه لا يجب عليه، كما لا يجب عليه التكسب في حال الحياة، وهذا قد ذكره علي خليل.
  وعن أبي مضر(١): تجب.
  وأما إذا لم يكن عليه حق فهي مستحبة.
  الحكم الثاني: يتعلق بقوله: {اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وهذا دلالة على أن الحكم بالشهادة شرطه أن يشهد اثنان عدلان، وهذا إطلاق لم يفصل فيه بين حق وحق، ولا بين الحدود وغيرها، لكنا أخرجنا شهادة الزنى بقوله تعالى في سورة النور: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} وهذا مجمع عليه إذا شهدوا على نفس الفعل.
  فأما لو شهدوا على الإقرار، فحكى الغزالي وجهين:
  أحدهما: لا بد من أربعة، وهو الذي اختاره الإمام يحيى.
  قال الفقيه محمد بن يحيى: وهو ظاهر المذهب؛ لأن الحكم بالزنى يكون بأربعة.
  الوجه الثاني: يكفي اثنان، وشهادة الإحصان يكفي فيها اثنان عند الأكثر.
  وعن الحسن البصري: لا بد من أربعة.
  وأما أمراض الفروج كالحيض والولادة فيجوز عندنا شهادة امرأة واحدة، وذلك مروي عن علي #، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، والثوري، والشعبي، والنخعي، لما روى حذيفة أنه ÷ أجاز شهادة القابلة، وقال الشافعي: لا بد من أربع.
(١) تخريجا للمؤيد بالله.