وقوله تعالى: {أو يخافوا}
  وقال مالك في رواية: ثنتان، فلحظوا اعتبار العدد ونحن خصصناه بالخبر.
  ثم إن الآية لم تفرق بين أن يكون الاثنان حرين أو عبدين، وخرج شهادة الصغيرين لقوله تعالى في سورة البقرة: {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ} وسيأتي زيادة على هذا إن شاء الله.
  الحكم الثالث: يتعلق بقوله تعالى: {ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} واختلف ما أراد من قوله منكم؟ فقيل: من أهل ملتكم، وقيل: من أهل عشيرتكم كما تقدم ذكر ذلك، فإذا قلنا: أراد من أهل ملتكم أو غير ملتكم ففي هذا دلالة على صحة شهادة الذمي على المسلم عموما(١)، لكن خرج جوازها فيما عدى وصية المسلم في السفر بالإجماع، وبقوله ÷: «لا تقبل شهادة ملة على ملة إلا ملة الإسلام، فإنها تقبل على الملل كلها».
  وأما على وصيته في السفر فعندنا أيضا لا تقبل، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وعامة الفقهاء، ويجعلون هذا الذي دلت عليه الآية منسوخا.
  قال مكحول: نسخها بقوله تعالى في سورة الطلاق: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}.
  قال ابن أبي ليلى، والأوزاعي، وشريح: إنها جائزة ثابتة غير منسوخة، وهكذا ذكره المنصور بالله في المهذب، قال: وهو قول جدنا عبد الله بن الحسين.
  وقيل: إنما جاز ذلك أول الإسلام لقلة المسلمين، وإن قلنا: أراد بقوله: {مِنْكُمْ} أي: من عشيرتكم، ففي ذلكم دلالة على صحة شهادة
(١) قوله (عموما) فيه نظر، يقال على هذا النظر: إنما وردت في الوصية، ولا يقصر الشيء على سببه، فهي عامة.