قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}
  قلنا: يحمل ذلك على المرتد، فإن المسلم يرثه، ولا يرثه المرتد.
  قالوا: يحمل عليهما جميعا، وشبهوا ذلك بالنكاح، فإن المسلم ينكح الذمية لا العكس على قول، وشبهوا ذلك بالقصاص، فإنه يؤخذ الأدنى بالأعلى.
  وأما ميراث(١) المسلم المرتدّ إذا مات، أو لحق بدار الحرب، أو قتل على ردته فهذا مذهب عامة أهل البيت، ولا فرق بين ما اكتسبه في حال الإسلام أو في حال الردة، وهو قول أبي يوسف، ومحمد.
  وقال الشافعي: ينتظر قتله أو موته، ثم يكون فيئا.
  وقال أبو حنيفة: الفيء ما كسبه حال الردة، وأما ما كسبه مسلما فقوله كقولنا، إن قيل: لم جعلتم ماله ميراثا بلحوقه؟ ولم ورّثتم المسلم ولا موالاة بينهما، والخبر يقضي بأن لا توارث بين أهل ملتين؟
  قلنا: أما ميراثه باللحوق فلأن ذلك يبيح دمه، فأباح ماله، فإن قيل: هذه العلة غير مطردة لأنه تنتقض بالزاني المحصن وقاطع الصلاة؟
  قلنا: هذا خارج بالإجماع، وأما كون المسلمين يرثونه فذلك مروي عن أمير المؤمنين، وأبي بكر، وعمر، وعبد الله بن مسعود، ولا مخالف لهم من الصحابة.
  وروي أن عليا # قتل مسور بن الأحنف حين أبى الرجوع إلى الإسلام، وجعل ماله بين ورثته المسلمين.
  قال في (شرح الإبانة) عن أبي حنيفة: إن ماله يزول عن ملكه في آخر جزء من أجزاء إسلامه، ولا ينتقل إلى ورثته من المسلمين إلا بلحوقه
(١) المسلم - في محل رفع فاعل ميراث، والمرتد منصوب على أنه مفعول ميراث، ومعناه: وأما أن يرث المسلم المرتدّ ب فهذا مذهب أهل البيت $.