قوله تعالى: {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين}
  وقال عمار(١) بصفين:
  اليوم ألقى الأحبة ... محمدا وحزبه
  وكان كل واحد من العشرة يحب الموت، ويحن إليه.
  القول الرابع: التفصيل(٢)، وهو أنه إن خشي فتنة على دينه فلا كراهة في تمني الموت، وإلا كره، إذا تمنى الموت لضر نزل به.
  قال النواوي: وهذا قاله العلماء من أصحابنا وغيرهم.
  قال في السفينة: وعن ابن مهدي قال: «كنت كثيرا ما أسمع سفيان يتمنى الموت. فقلت له: يا أبا عبد الله أما بلغك أن النبي ÷ قال: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، ولكن ليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) قال: بلى، ولكن هؤلاء القوم أحب أن أموت على السلامة منهم.
= والحرام معاذ بن جبل) وأقره على الاجتهاد لما قال له: أجتهد رأيي. قال جابر: كان معاذ من أسمحهم كفا، وأجملهم خلقا، ومناقبه واسعة، مات ¥ في طاعون عمواس بالأردن سنة ١٨ هـ عن ثمان، وقيل: ثلاث وثلاثين سنة.
(١) عمار هو: عمار بن ياسر بن عامر بن مالك العنسي - بالنون - ثم المدحجي، القحطاني نسبا، المخزومي حلفا، وولاء كان هو وأبوه وأمه سمية، وأخواه من السابقين الأولين المعذبين في الله، وكانت سمية أول شهيدة في الإسلام، شهد عمار جميع المشاهد مع رسول الله ÷، وكان مخصوصا بالبشارة والترحيب، وكان أحد الأربعة الذين تشتاق إليهم الجنة، وقال ÷ (اهتدوا بهدي عمار) وقال (تقتلك الفئة الباغية) وولاه عمر على الكوفة، وشهد مع أمير المؤمنين صفين، واستشهد بها، ولقتله اتضع للأغمار جانب الحق، وكان آخر زاده من الدنيا شربة من لبن، كما أخبر الصادق ÷، كان ¥ طوالا آدم لا يغير شيبه، وكان أخوه من المهاجرين سعد بن أبي وقاص.
(٢) وسيأتي في سورة يوسف في قوله تعالى: {تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} الإشارة إلى ما هنا، وسيأتي في أول سورة الجمعة طرف مما هنا.