وقوله تعالى: {فاجلدوهم ثمانين جلدة}
  تعالى الوجوب بقوله: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ}[النور: ٢] وفي قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[النور: ٢] وهذا على سبيل التهييج، والتهاب الغضب لله.
  قال جار الله: وفي الحديث «يؤتى بوال نقص من الحد سوطا فيقول: رحمة لعبادك، فيقال له: أأنت أرحم بهم مني فيؤمر به إلى النار ويؤتى بمن زاد سوطا فيقول: لينتهوا عن معاصيك فيؤمر به إلى النار». وعن أبي هريرة: إقامة حد بأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة.
  قال الحاكم: وقيل إن الخطاب لجميع المسلمين، والمراد بذلك أن ينصبوا إماما يقوم بذلك، فلما كان إقامة الإمام إليهم أضاف إقامة الحدود إليهم، وصححه الحاكم ويتفرع على هذا إقامة السيد الحد على عبده، وللعلماء فيه أقوال:
  الأول: - مذهبنا، والمنصور بالله - أنه لا ولاية للسيد مع وجود الإمام، وله الولاية مع عدمه.
  الثاني: - قول أبي حنيفة - لا ولاية له مطلقا.
  الثالث: - قول الشافعي - له الولاية مطلقا، وهكذا في النهاية: عن أحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
  وسبب نشوء هذا الخلاف أن الأدلة المتقدمة قد قامت بثبوت ولاية الإمام على الحدود، وذلك من غير مخصص، ثم إنه قد ورد عنه ÷ أنه قال: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم».
  وعنه ÷: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها، فإن عادت فليجلدها، فإن عادت فليبعها ولو بضفير» وفي السنن بظفيرة(١).
(١) والضفيرة الحقف من الرمل ذكره الجوهري.