قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم}
  القذف مشوب بحق الله، وفرق بين ذلك وبين القطع إن سرق من مال ولده أن الوالد له شبهة في مال ولده، بقوله ÷: «أنت ومالك لأبيك».
  وأما من أسقط الحد في قذف الوالد لولده فيقول: قوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما} فيه نهي عن أذية الولد لوالده على طريق العموم، ولهذا لم يقد بولده ولم يقطع إن سرق ماله.
  قال المنصور بالله في المهذب: لا يحد الوالد بقذف ولده، ولا يعزر، ولا يفترق الحال في القاذف بين أن يكون ذكرا، أو أنثى، أو خنثى، ولا فرق بين أن يكون مسلما، أو ذميا، ولا فرق بين أن يكون حرا، أو عبدا إلا في كمية حد العبد إذا قذف، فعندنا، والجمهور: أنه ينصف له كما ينصف له الحد إذا زنى، وهذا مروي عن الخلفاء الأربعة، وابن عباس.
  وقال الأوزاعي، وهو محكي عن ابن مسعود: إنه يجلد ثمانين كالحر تعلقا بعموم الآية.
  قال في النهاية: وهذا مروي عن عمر بن عبد العزيز، وأبي ثور، وداود.
  وأما بيان الذمي فقد جعلت الآية الكريمة الأحكام المذكورة في المحصنات، وهذا يدخل فيه النساء بلا إشكال.
  وأما الذكور فلا خلاف في أن قاذف الذكر المحصن يحد كحد قاذف المرأة المحصنة، ولكن اختلفوا من أين أخذ حده؟
  فقيل: إنه داخل في الآية، وأن المراد بالمحصنات الفروج أي الفروج المحصنات، أي الممنوعة من المحظور؛ لأن الإحصان صفة الفرج بدليل قوله تعالى: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها}[الأنبياء: ٩١] فكان الظاهر يتناول الذكر والأنثى.