قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم}
  لذلك بقوله تعالى: {فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ}[النساء: ٢٥].
  وقال داود: يحد قاذف العبد.
  قال أبو جعفر: هذا خلاف الإجماع.
  والمدبرة، وأم الولد: كالأمة لا يحد قاذفهما.
  وعن مالك: يحد قاذف أم الولد سواء كان لها ولد من سيدها أم لا.
  وقال محمد بن الحسن: يشترط أن يكون لها ولد من سيدها.
  وأما المكاتبة إذا قذفت وكذا المكاتب فإن الحد يتبعض عندنا.
  وقال أبو جعفر: لا يحد قاذفه، كقول أبي حنيفة، والشافعي.
  وأما اشتراط العفة في الظاهر؛ فلأنه إذا ثبت زناه بالشهادة فالحد ساقط لقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} والشهرة كالشهادة في سقوط الحد(١) عن القاذف، وقد ذكر اشتراط العفة في الكشاف، والحاكم، والنهاية فلا معنى لما يحكي عن أبي جعفر أنه لم يشترطها إلّا الهادي #.
  أما إذا قذف المحصنة ثم زنت بعد ذلك فالذي ذكره أبو طالب لأصحابنا - وهو قول أبي حنيفة، والشافعي - وذكره صاحب الوافي: أنه لا يحد قاذفها؛ والوجه أن بزناها يبطل كون ظاهرها العفة، فأشبه من قذف المجهول إسلامه وحريته.
  والذي خرجه أبو طالب لأبي العباس - وهو قول المزني، وأبي ثور -: إن حد القذف لا يسقط لدخوله في عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ}.
(١) لكونها سبب في درء الحد عن القاذف تمت.