تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم}

صفحة 370 - الجزء 4

  أما سائر أنواع الفسق غير الزنى: فلا يمنع من الإحصان، ولزوم الحد لمن قذف قاطع صلاة أو قاتل نفس، ونحو ذلك.

  وأما اشتراط تأتي ما قذف به فنريد بذلك أن قاذف المجنون، وقاذف الرتقاء والعذراء: لا حد عليه؛ لأنه يعرف كذبه فتنتفي الغضاضة، وإن كان معنى الإحصان حاصلا في الرتقاء ونحوها، وهو الامتناع من المحظور فعلة الجلد منتفية وهي إلحاق المعرة بالرمي، وكذا لو رمي المحصن بأنه زنى بعذراء أو رتقاء، أو قذف المحصنة بأنها زنت بمجنون.

  وقال في (شرح الإبانة): عند أصحابنا، والفريقين: للمقذوف أن يطالب ولو عرف صدق القاذف فكأنه اعتبر الإحصان في الظاهر.

  وقال مالك: لا يطالب، وكأنه اعتبر الإحصان في نفس الأمر.

  وأما بيان الرمي الموجب للجلد فهو إضافة الزنى إلى المرمي الجامع للأوصاف المتقدمة، ولا بد أن يضيف ذلك بلفظ مطلق لا بإشارة، وكتابة، ولا بحكاية عن الغير؛ لأن الإشارة والكتابة محتملة، والحكاية لم يصرم فيها بالرمي، وهذا قول الناصر، وأبي حنيفة، والشافعي.

  وقال الأوزاعي: إذا قال: أخبرت أنك زان كان قاذفا.

  وعن مالك: يكون قاذفا إن لم يتبين على أنه أخبره مخبر، وسواء أضاف الفاحشة التي رماها بها إلى أنه وطأ في قبل، أو دبر، وأتى امرأة في قبلها، أو دبرها حرة، أو أمة، أو أتى ذكرا، أو أنثى؛ لأن الحد فيما رمي به يجب، فلو قلنا بوجوب التعزير على الفاعل عزر القاذف به.

  وكذا إن رماه بوطء بهيمة في فرجها، إن قلنا ذلك يوجب الحد؛ لا إن رمي المرأة بأنها استدخلت ذكر حيوان غير آدمي، وسواء أضاف الزنى إلى المرمي، أو إلى فرجه لا إلى يده ورجله؛ لأن الزنى يطلق على العين ونحوها مجازا، أو يكون قاذفا بما يتضمن الزنى، وهو نفي النسب من