تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم}

صفحة 384 - الجزء 4

  واختلف العلماء أي وقت ترد شهادته؟

  فقال الشافعي: بنفس القذف بطلت.

  وقال أهل المذهب: بعجزه عن إقامة البينة، وعدم إقرار المقذوف بطلت.

  وقال أبو حنيفة: لكمال الحد بطلت شهادته، لا قبل ذلك، ولكل تعلق بالآية الكريمة.

  تعلقنا أن الله تعالى جعل جزاء القاذف كالذي لم يأت لشهادة الجلد، ورد الشهادة، وجعل هذين الحكمين مرتبين على أن لا يأتي بالشهادة بقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} وثم للتراخي.

  وتعلق الشافعي بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ} فالعلة الموجبة الجزاء القذف، وأيضا فإن قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً} خبر عن الذين، وكذلك قوله تعالى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ} خبر ثان.

  قلنا: ذلك مقيد بالرمي، وعدم الإتيان بالشهداء، ويرد قول أبي حنيفة بان الحد فعل غير القاذف، وأيضا الحدود كفارات⁣(⁣١) لقوله ÷: «الحدود كفارات» فلا يتعلق بالحد التفسيق ورد الشهادة، وتعلق أبو حنيفة بأن رد الشهادة مرتبة على الجلد، وما حده خفي.

  الحكم الثاني: أن القذف من الكبائر ويقضى بكبره متى ردت الشهادة على حسب الخلاف، والله أعلم.

  الحكم الثالث: يتعلق بقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تابُوا} وذلك في بيان المخرج بالاستثناء وقد أجمعوا أن الجملة الأولى وهي قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً} لا يرجع إليها الاستثناء؛ لأن ثم مانعا من الرد إليه


(١) لعلها في حق التائب، فيكون الحديث مخصصا.