تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم}

صفحة 204 - الجزء 1

  السادس: حكاه النيسابوري «أن الله تعالى لما أمر نبيه ÷، بالصلاة على النجاشي، فأمر أصحابه بالصلاة معه عليه، وصفهم وتقدمهم، فقال أصحاب النبي ÷ في نفوسهم: كيف نصلي على رجل قد مات، وهو يصلي لغير قبلتنا» - فنزلت.

  السابع: أن المسلمين كان لهم في ابتداء الإسلام أن يصلوا إلى أي جهة شاؤا، حتى نسخ ذلك بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ}⁣[البقرة: ١٤٤] وعلى الأقوال المتقدمة لا نسخ فيها، وقيل: هي أول ما نسخ.

  الثمرة من الآية الكريمة:

  إعلم أن التوجه في الصلاة إلى الكعبة واجب، وهو معلوم من الدين، ولا خلاف في ذلك، لكن يتعلق بذلك فروع.

  الأول: من بعد عن الكعبة، ولم يعرف الأمارات، ولا وجد من يرجع إليه ليقلده، فله أن يصلي إلى أي جهة شاء، لعموم قوله تعالى: {فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} وهذا عام إلا ما خصته الدلالة⁣(⁣١).

  ويعضده قوله ÷: (إذا أمرتم بأمر فاتوا منه ما استطعتم) فإن أمكنه التحري، وطلب الأمارات وجب عليه ذلك، لأنه قد وجب عليه الصلاة إلى الكعبة، والواجب الأخذ بالعلم إن حصل، وإلا فبالظن.

  ويعضد ذلك قوله تعالى في سورة النحل: {وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}⁣[النحل: ١٦] وهذا قول أكثر العلماء، وذهب نفاة القياس كالأصم، والإمامية: أنه يصلى إلى الجهات الأربع، وضعفه الحاكم؛ لأن في ذلك أمرا بالصلاة إلى غير القبلة بيقين⁣(⁣٢).


(١) وهذا يدل على أن تعبدهم كان بالتوجه إلى أين شاؤا. (ح / ص).

(٢) الأولى التعليل بأن الجهات لا تنحصر في أربع. (ح / ص). وقد ينتصر لتعليل الأصل بأن يقال: هو كالصلاة في ثوبين أحدهما متنجس. (ح / ص).