قوله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا}
  وأنشده كعب بن زهير في المسجد قصيدته المعروفة ومنها:
  إن الرسول لنور يستضاء به ... وصارم من سيوف الله مسلول
  وكان حسان ينشد تراثي رسول الله ÷ في المسجد، والمسجد غاص بالمسلمين فلا ينكر عليه، فلأجل هذا قلنا: إنه يختلف كما قال ÷: «إن حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام».
  فالمحظور: الذي أريد به النهي ما كان فيه هجو، أو بهت، أو كذب، أو إفراط في مدح، أو تشبيب بغزل أو نحو ذلك.
  والمكروه: ما كثر وليس فيه ذلك، وقد فسر به قوله #: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا».
  وأما تأويل من قال: أريد به الهجاء فضعيف؛ لأنه سواء امتنع أم لا، وكذا إذا شغله الشعر عن الفضائل من التلاوة والأدعية.
  وأما الواجب: فإذا كان يحصل به تحريض وتقوية للحق، وتحشيد للجيوش على حرب أعداء المسلمين.
  وأما المندوب: فهو ما انطوى على مدح الله، وتعظيمه، وكذا مدح الرسول # والأئمة أو انطوى على حكمة.
  وأما المباح: فما خرج عن هذا.
  وأما قوله تعالى: {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا}
  يعني: استنصروا بالرد على المشركين.
  قال في عين المعاني: وقد قال لهم رسول الله ÷: «انتصروا ولا تقولوا إلا حقا، ولا تذكروا الآباء والأمهات».
  وقال حسان لأبي سفيان:
  هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء