قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها}
  تأخذوا رهائن من قريش وغطفان، إن محمدا إن حاربكم نصروكم عليه، فقالوا: نعم الرأي هذا، ثم جاء إلى قريش وغطفان وقال: إن هؤلاء اليهود ندموا على ما فعلوا وقد صالحوا محمدا ووعدوه أن يأخذوا منكم رهائن من أشرافكم، ويدفعوها إليه فيضرب أعناقهم، ثم يكونوا يدا عليكم، فلما كان ليلة السبت أرسل أبو سفيان وغطفان إلى بني قريضة فقالوا: إنا بدار مضيعة ولا بد من المناجزة غدا، فقالوا: غدا يوم سبت لن نحارب، وإنا لن نحارب معكم حتى تعطونا رهائن، فإنا نخشى إن كان الظفر لمحمد أن ترجعوا إلى بلادكم فأبوا أن يرهنوا، وقالوا: صدق نعيم، وكان ذلك سببا في تفرقهم، وسار رسول الله ÷ إلى المدينة فجاءه جبريل # وقت الظهر وأمره بالمسير إلى بني قريضة، فقال صلى الله عليه وآله: «من كان سامعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريضة» ويروى أن صلاة العصر فاتت على ناس فلم يصلوها إلا بعد العشاء الآخرة، وكان من القصة تحكيم سعد بن معاذ، وحكم بقتل من اخضرّ مئزره.
  وهذه القصة: قد تضمنت أحكاما:
  الأول: جواز الكذب للنصرة في الحرب، وقد روي في البخاري ومسلم عن أم كلثوم ^ أنها سمعت رسول الله ÷ يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينوي خيرا ويقول خيرا» وزاد مسلم في روايته: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث - يعني الحرب - والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، والمرأة زوجها.
  قال النواوي: فهذا الحديث صريح في إباحة بعض الكذب للمصلحة، قال: وقد ضبط العلماء ما يباح فيه، وأحسن ما رأيته ما قاله الغزالي: إن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصد محمود يمكن