قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم}
  وعن ابن عباس وأبي رجاء: بالحاء، وكذا عن الحسن، قيل: هما واحد، أي: لا تتبعوا عورات المسلمين.
  وقيل: لا تبحثوا عما خفى وهو الطلب، ومنه الجاسوس والمجسة.
  وقيل: بالجيم البحث لغيره، وبالحاء لنفسه، وقيل: بالجيم للشر وبالحاء للخير، وضعف بقراءة ابن عباس، والحسن، وقد أفاد ذلك النهي عن تتبع عورات المسلمين، والاستكشاف عما ستروه.
  وعن مجاهد: خذوا ما ظهر، ودعوا ما ستره الله.
  وعن النبي ÷ أنه خطب فرفع صوته حتى أسمع العواتق في خدورهن فقال: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تتبعوا عورات المسلمين، فإن من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته».
  وعن زيد بن وهب: قلنا لابن مسعود: هل لك في الوليد بن عقبة بن أبي معيط تقطر لحيتيه خمرا، فقال ابن مسعود: إنا قد نهينا عن التجسس، فإن ظهر لنا شيء أخذنا به، وذكر في (شرح الإبانة) عن الناصر # أنه يجوز التجسس للمصلحة، وذلك بأن يعرف الناس أن الإمام إذا كان يبحث عن العورات انقرعوا وقلّت المعاصي.
  وأما قوله تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} هذا تحريم للغيبة، وقد سئل عنها رسول الله ÷ فقال: «أن تذكر أخاك بما يكره، فإن كان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته».
  وعن ابن عباس: الغيبة إدام كلاب النار.
  وقيل: الغيبة ذكر الغيب بظهر الغيب، وفي الآية الكريمة تشديد في قبحها من حيث أسند الفعل إلى أحد فقال: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ} والمراد أن أحدا من الآخرين لا يحب ذلك.
  ومنها: التمثيل بأكل لحم الأخ بأن ذلك أفضع من غيره.