قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}
  وقيل: المسجد الحرام: هو مكة، وسائر الحرم، لقوله تعالى في سورة الإسراء: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[الإسراء: ١] وهو ÷ أسري به من بيت خديجة، وفي الكشاف بيت أم هانئ.
  وقال الإمام يحي #: الذي يأتي على رأي أئمة المذهب: أنه ما داخل الميقات، ولأنهم فسروا قوله تعالى في سورة البقرة: {ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ}[البقرة ١٩٦] بذلك، ولهذا فائدة عظيمة، وهي بيان إدراك الفضل الوارد في قوله ÷: (صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة في غيره).
  الحكم الثاني: في بيان المأخوذ على المصلي في التوجه، هل الواجب أن يقصد عين الكعبة، أو جهتها، أما إذا كان حاضر البيت فلا خلاف أن الواجب أن يصلى إلى العين من أي جانب، وأوجب بعضهم الصلاة إلى الميزاب، وهو خطأ.
  وأما إذا كان بعيدا عن الكعبة، فاختلفوا في ذلك، فكلام أبي العباس، وأبي طالب والذي دل عليه كلام الهادي #، وهو قول الكرخي، وأحد قولي أصحاب الشافعي: أن المأخوذ عليه قصد الجهة(١).
  وقال بعض أصحاب الشافعي، ورواه في الكافي، عن زيد بن علي، والناصر، ورواية للحنفية: أن المأخوذ عليه إصابة العين.
  حجة هذا القول: أن الواجب حمل الآية على حقيقتها إلا لدليل، وكما لو كان بمكة.
(١) وهو الذي اختير للمذهب في كتب الفروع. (ح / ص).