قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}
  وحجة القول الأول: وحجة القول الأول: أنا نقدر في الآية محذوفا، تقديره: فول وجهك جهة شطر المسجد الحرام، والذي أوجب علينا التقدير لهذا المحذوف قوله تعالى: {وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] وقصد العين لمن بعد فيه حرج، ولا يدرك إلا بتقريب وتسامح بطرق الهندسة، واستعمال الأرصاد، ولقوله ÷: (ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق)(١) والمعلوم أنه أراد الجهة دون العين؛ لأن عرض الكعبة يسير، ولأن الصف الطويل لمن بعد عن الكعبة، يعلم أن بعضهم غير مسامت للعين، والأظهر من هذا الخلاف كما قال علي خليل: إنه يطلب الظن المفيد لإصابة العين على قول، أو لإصابة الجهة على قول.
  الحكم الثالث: إذا صلى في البيت أو على ظهره:
  أما إذا صلى فيه، ففي ذلك ثلاثة أقوال للعلماء.
  الأول: مذهبنا وهو قول الأكثر: أنه يصح الفرض والنفل، قال أصحاب الشافعي: لكن الفرض خارجا أفضل، ولأن الجماعة تكثر،
(١) رواه في البحر الزخار هكذا، قال ابن بهران في تخريجه للبحر: هكذا في الشفاء والانتصار، ثم قال: والظاهر أن قوله (لأهل المشرق) زيادة في لفظ الحديث مفسدة للمعنى، أما كونها زيادة في لفظ الحديث فلأن الذي أخرجه الترمذي عن أبي هريرة ... لم ترد فيه هذه الزيادة، قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث عن غير واحد من أصحاب النبي ÷ منهم عمر، وعلي، وابن عباس ... ثم قال: وأما كون تلك الزيادة مفسدة للمعنى، فلأنه لا يستقيم أن تكون تلك الجهة التي بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق، وإنما يستقيم أن تكون تلك الجهة قبلة لأهل الشام أو لأهل اليمن كما سبق، وأما أهل المشرق والمغرب فقبلتهم التي بين الشام واليمن كما لا يخفى على أحد. فلا شك أن تلك الزيادة سهو فسبحان من لا يجوز عليه السهو (البحر الزخار ٢/ ٢٠٣، ٢٠٤.