قوله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا}
  النكرة لا تفيد العموم حيث أضيفت إلى المعرفة، وإذا كان كذلك فهذا يفيد أن عدتها تنقضى بوضع حملها، وإن سبق الحمل الأربعة الأشهر والعشر، وهذا هو الذي ذهب إليه من علماء الصحابة ابن مسعود، وابن عمر، وأبو هريرة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وجمهور الفقهاء قالوا: وهذه الآية ناسخة لآية البقرة، وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}[البقرة: ٢٣٤].
  وعن عبد الله بن مسعود: من شاء باهلته أن آية النساء القصرى نزلت بعد آية البقرة، يعني أن لفظ الحوامل مطلق، ثم إنهم قالوا: وهذا صريح في حديث سبيعة الأسلمية، وقد رواه في مسلم والترمذي، وسنن أبي داود، لكن في رواية الترمذي عن أبي السنابل بن بعكك قال: وضعت سبيعة بعد وفاة زوجها بثلاثة وعشرين أو خمسة وعشرين يوما فلما تعلت(١) تشوفت(٢) للنكاح فأنكر عليها ذلك، فذكر ذلك للنبي ÷ فقال: «إن تفعل فقد حل أجلها».
  قال في الترمذي: وهو قول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق وأكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله وغيرهم.
  قال: وعن سليمان بن بشار أن أبا هريرة، وابن عباس، وأبا سلمة بن عبد الرحمن تذاكروا المتوفى عنها الحامل تضع عند وفاة زوجها، فقال ابن عباس: تعتد آخر الأجلين.
  وقال أبو سلمة: بل تحل له حين تضع.
  قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة - فأرسلوا إلى أم
(١) هكذا في الترمذي وفي معجم الطبراني تعالت وفي الدارمي تعافت.
(٢) تشوفت: بالفاء، أي تهيأت.