قوله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم}
  قال الحاكم: واختلفوا في النصراني إذا ذبح لعيسى، وسمى اسمه، فمنهم من حرم، والظاهر يدل عليه، ومنهم من لم يحرم، فأما إذا لم يعلم كيف ذبح، فيحل عند من جوز ذبيحة أهل الكتاب، قال سعيد بن جبير: وتحرم ذبيحة المسلم إذا ذبح على هذا الوجه(١).
  قال الحاكم: وهذا على التقدير؛ لأنه يخرج بذلك عن الإسلام، أما لو ترك المسلم التسمية، فسيأتي عند قوله تعالى في سورة الأنعام: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١].
  الحكم الخامس
  يتعلق بقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}.
  وقد دلت الآية على جواز هذه الأشياء للمضطر، وفي ذلك فروع:
  الأول: في ماهية الضرورة المبيحة لأكل الميتة ونحوها، وفي ذلك وجوه:
  الأول: أن يكره بالقتل ونحوه على أكلها، جاز له أكلها، ولا إشكال في ذلك، وقد فسر مجاهد الضرورة في الآية بضرورة الإكراه.
  الوجه الثاني: ضرورة الجوع، وهو الذي فسر الآية به أكثر العلماء، والجوع المبيح لذلك: هو أن يخشى على نفسه الهلاك إن لم يأكل، قال في الانتصار: وخشية المرض المؤدي إلى الهلاك، أو خشية فوت القافلة، وهو يخشى الهلاك بفواتها
  الوجه الثالث: طلب البرء بالتداوي بالميتة والخنزير، ونحو ذلك، ففي ذلك خلاف منهم من جوزه، وجعل ذلك ضرورة، قال في الانتصار:
(١) في النيسابوري: قال العلماء: لو أن مسلما ذبح ذبيحة وقصد بذبحها التقرب إلى غير الله صار مرتدا، وذبيحته ذبيحة مرتد. (ح / ص).