وقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}
  الحال، فكأنه تعالى قال: إذا لم يكن عاصيا فلا يحمل على معصية الشبع؛ لأن ذلك يحصل بعد الأكل، وقد روي عن علي #: «أن الساعي في الأرض فسادا لا يقصر» فكذا لا يفطر.
  وأجيب: بأن الرواية لم تصح عنه، قال أبو جعفر: ولا خلاف أنه يترخص إذا تاب عن معصيته، وأراد الانصراف.
  الحكم الرابع: إذا سافر أنسان بعد طلوع الفجر، فإن له أن يفطر، على ما خرج للهادي #، وهو قول المؤيد بالله، والناصر، وأحمد، والمزني(١)، لعموم قوله تعالى: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ولقوله ÷ لحمزة بن عمرو الأسلمي، وقد سأله فقال: يا رسول الله أصوم في السفر؟ فقال: «إ، شئت فصم، وإن شئت فأفطر» وقياسا على من رخص له الإفطار بالمرض، فإن له أن يفطر إذا طرأ عليه المرض، وقد أصبح صائما.
  وقال أبو حنيفة، والشافعي: إذا سافر بعد أن أصبح صائما لم يفطر؛ لأن النية قد بيتت من الليل، فلم يجز أن يبطل صومه ونيته، لقوله تعالى في سورة محمد ÷: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ}[محمد ٠٣٣] بخلاف المريض فإنه ملجأ إلى الفطر.
  قالوا: ولأنه قد تلبس بفرض المقيم، فلا يفطر، كما لو دخل في الصلاة بنية الإتمام، ثم أراد أن يقصر، وهم منازعون إذا كان في سفينة فسارت.
(١) المزني هو: إسماعيل بن يحي المزني، الشافعي، أبو إبراهيم البصري، قال في الطبقات: ولد سنة ١٧٥ هـ أخذ عن الشافعي، وعنه الطحاوي أو لا كما تقدم، وكان معظما في الشافعية، صنف كتبا كثيرة، وله مذهب مستقل، وتوفي في رمضان سنة ٢٦٤ هـ وصلى عليه الربيع، ودفن بالقرب من قبر الشافعي، وهو منسوب إلى مزينة، خرج له المرشد بالله، وهو أكبر أصحاب الشافعي |.