تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}

صفحة 329 - الجزء 1

  الحكم الخامس: إذا صام بعض رمضان في الحضر، ثم أنشأ سفرا هل أن يفطر فيه أم لا؟ مذهب جماهير العلماء: له ذلك.

  قال في نهاية المالكي: وعند عبيدة السلماني، وسويد بن غفلة، وأبي مخلد⁣(⁣١) أن من سافر فيه لا يجوز له أن يفطر.

  وشبهتهم أنهم فهموا من قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} أن من شهد بعضه صام جميعه، والجمهور يقولون: من شهد بعضه صام ذلك البعض، ويؤيد تأويل الجمهور إنشاء رسول الله ÷ السفر في رمضان، وأنه أفطر.

  قال الناصر #: ويكره السفر في رمضان، إلا سفرا واجبا، كالحج والجهاد، والهجرة؛ لأنه ينتقص عليه من شيئ من أعمال العبادة، قال أبو جعفر: ولا خلاف في ذلك.

  الحكم السادس: متى يفطر المسافر إذا خرج من بلده قبل طلوع الفجر؟ أو بعده؟ والكلام في هذه كالكلام في قصر الصلاة، فعند الهادي، والناصر: إذا خرج من ميل بلده، وعند المؤيد بالله، والشافعي، وأبي حنيفة إذا خرج من البيوت.

  وقال عطاء: إذا نوى السفر جاز له القصر والفطر، وعند مجاهد: إن سافر نهارا لم يجز القصر حتى يمسي، وإن سافر ليلا لم يجز حتى يصبح، ويأتي الفطر على قول الهادي، والمؤيد بالله كالقصر.

  إن قيل: كيف يعقل هذا الحكم من هذه الآية؟ قلنا: قوله تعالى: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ} يفيد أنه متى صار مسافرا أبيح له


(١) في بعض النسخ (مجلز) بالزاي، وهو كمنبر، واسمه لاحد بن حميد، تابعي، وأما من قال: مخلد، بالدال فلا يعرف في الصحابة والتابعين مخلد، وإنما ذلك غلط. (ح / ص).