تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {لتأكلوا فريقا من أموال الناس}

صفحة 370 - الجزء 1

  وفي هذه الجملة ثلاث مسائل خلافية:

  الأولى: هل حكم الحاكم ينفذ باطنا وظاهرا، أو لا ينفذ إلا في الظاهر؟ وهذا فيه تفصيل⁣(⁣١). أما ما وافق اجتهادا، فإنه ينفذ في الباطن والظاهر، وذلك وفاق بين من يقول: الآراء صائبة.

  وأما في ابتداء الملك، والحدود والقصاص، فلا ينفذ في الباطن وفاقا.

  وأما في العقود والفسوخ: فإذا حكم الحاكم بأن زيدا باع هذه الدار، أو وهبها، أو أقال، أو أن فلانا تزوج فلانة، أو طلق، فإن هذا الحكم لا ينفذ في الباطن، فلا يحل الثمن، ولا المبيع للمحكوم له، وكذا الزوجة، وهذا قول عامة أهل البيت $، والشافعي استدلالا بهذه الآية.

  ووجه الدلالة: أنه تعالى نهى أن يدلى إلى الحكام بالخصومة: أي: ترفع إليهم ليؤكل بذلك مال الغير.

  وقيل: الإدلاء بمعنى: الرفع، أي: لا ترفع الأموال إلى حكام السوء رشوة، ليحكموا بالباطل.

  ويؤيد هذا الخبر «أنه ÷ قال للخصمين: إنما أنا بشر مثلكم، وأنتم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من نار، فبكيا، وقال كل واحد منها: حقي لصاحبي. قال: اذهبا فتوخيا، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه» هذا لفظ رواية الزمخشري. وقوله: «فتوخيا» أي: اطلبا رضاكما.

  وروي عن شريح أنه كان يقول للخصوم: إن قضائي لا يبيح ما هو حرام عليكم، وهذا عام.


(١) أما ظاهر الآية فيفيد أنه لا ينفذ باطنا. (ح / ص).