قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}
  الفدية ينصرف إلى المعتاد، واللبس المعتاد هو يوم أو ليلة؛ لأن الثياب في العادة تلبس بالغداة، وتنزع بالعشي، وتلبس ثياب الليل في أوله، وتنزع في آخره، قلنا: لا عبرة بالعادة كما لو لبس الفرو صيفا، والقميص الرقيق شتاء، فإنها تجب، وإن خالف العادة، أما لو استمر اللبس لعلة جاز، والفدية واحدة حيث لم ينزع، وأما إذا نزع ثم لبس مع دوام العلة فهل تكرر الفدية أم لا؟ وكذا إذا حلق مرة بعد مرة مع دوام العلة؟ أو غطى ثم نزع، ثم غطي في وقت آخر مع دوام العلة؟ أو مع عدم الدوام فهل يكرر الفدية أم لا؟
  قلنا: هذه مسألة خلاف بين العلماء، فأحد قولي الشافعي، ذكره في المهذب: أنها فدية واحدة، ولم يفصل بين أن يكون معذورا أم لا.
  والوجه: أنها جنس واحد، فتداخلت الأفعال، كما إذا كان ذلك في وقت واحد.
  والقول الثاني للشافعي: أن لكل فعل كفارة، ولا تدّاخل الفدى؛ لأن لكل وقت حكما، وهذا ظاهر ما أطلقه في الشرح للمذهب.
  وقال ابن أبي الفوارس وأبو جعفر: إذا كان ذلك لعلة ففيه فدية واحدة، ولو تكررت الأفعال، سواء نوى المداومة أم لا، وقال المنصور بالله #: هي فدية واحدة: إذا نوى المداومة، وهكذا ذكره في الشفاء لمذهب الهادي #.
  وقال المنصور بالله في المهذب: الفدية واحدة ما لم يشرع في نسك آخر، فتكرر الفدية. إن قيل: كيف يدرك هذا الحكم من هذه الآية، أو من غيرها؟
  قلنا: [يمكن أن يقال: يدرك التكرار من هذه الآية، وذلك من الفعل