قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤ فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم}
  فقال علماء أهل البيت $: لا تطلق إلا بتطليق(١)، وهو مروي عن علي #، وابن عباس، وابن عمر، وزيد بن ثابت، وعن سليمان بن يسار أنه قد قال: «أدركت أربعة عشر من أصحاب رسول الله ÷ يقولون بذلك» وبه قال مالك، والشافعي.
  وقال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، وابن مسعود، وعثمان، ومروي أيضا عن علي #، وابن عباس، وزيد بن ثابت، أن بمضي أربعة أشهر تقع عليها طلقة بائنة، ورواه في الكافي عن زيد بن علي، ومحمد بن الحنفية.
  وسبب الخلاف أن أهل القول الأول فهموا أن المراد بقوله تعالى: {فَإِنْ فاؤُ} إلى آخره أنه بعد مدة التربص لا فيها، ومن ثمّ قال مالك، والشافعي: لا بد أن تكون مدة الإيلاء أربعة أشهر، ووقت يمكن المرافعة فيه، لأن المرافعة لا تكون إلا بعد التربص، لكن اشتراطهم للزيادة من هنا غير لازم، وأهل القول الثاني فهموا أن الفيء في مدة التربص، والعزم على الطلاق أن لا يفيء حتى تمر مدة التربص، واستدل أبو حنيفة بقراءة عبد الله (فإن فاؤا فيهن) وهي شاذة.
  نصرة القول الأول من وجوه:
  الأول: أن الله تعالى جعل مدة التربص حقا للزوج لا للزوجة، فأشبهت مدة الأجل في الدين المؤجل، فيلزم أن تكون المطالبة بعد المدة، ولا تطلق بها، هذا وجه.
  الوجه الثاني: أن الله تعالى أضاف الطلاق إلى فعله، وعلى القول الثاني هو لا يقع من فعله إلا مجازا، والمجاز لا يذهب إليه مع مخالفته الظاهر إلا لدلالة.
(١) في ب (بالتطليق).