وقوله تعالى: {حدود الله}
  قال الحاكم، وأجمع عليه الفقهاء.
  وعن بكر بن عبد الله أنها منسوخة، بقوله تعالى في سورة النساء:
  {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً}[النساء ٢٠ - ٢١] وليس بصحيح.
  وأما تحريم ذلك مع عدم الخوف فهذا مذهب الهادي، والناصر، وأئمة العترة $، خلاف المؤيد بالله، وهو قول مالك، وعطاء، والزهري، والنخعي، وأبي ثور، وإسحاق، وأهل الظاهر، أخذا بظاهر الآية، فإن الله تعالى قال: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ} ولم يخرج من ذلك إلا حال الخوف.
  وقال المؤيد بالله، وأبو حنيفة، والشافعي: يجوز ذلك مع المراضاة ويكره؛ لقوله تعالى في سورة النساء: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} فدلت هذه الآية أن مع طيبة نفس الزوجة يجوز، وقالوا: قوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا} معناه: إذا كرهن، قلنا: لو أراد مع الكراهة لم يجز (خافا) أو (لم يخافا). واعلم أنها قد وردت آيات في أخذ المال من الزوجة إحداهن قوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ} والثانية في النساء، وهي قوله تعالى: {وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً}[النساء: ٤] والثالثة فيها أيضا، وهي قوله تعالى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[النساء: ١٩]. والرابعة في النساء أيضا، وهي قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً}[النساء: ٢٠].