تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك}

صفحة 59 - الجزء 2

  ولهذه الجملة ثمرات منها: تحريم المضارة المذكورة في الإنفاق، وفيما يتعلق بالولد، وأن للأم حقا في إرضاع الولد، إلا أن تكره لم تجبر على ذلك، حيث لا يتضرر الصبي، ومنها لزوم الأب مؤنة الصبي لما يتعلق بنفسه، ولما يحتاج من أجرة الظئر، ولا فرق بين أن يكون الأب مسلما، أو كافرا لعموم الآية، ولكن إن كان الصبي فقيرا فلا إشكال في ذلك، وإن كان غنيا فمذهب الهادي #: تجب مؤنته على أبيه ما دام صغيرا، لقوله تعالى: {وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} وإذا أنفق من مال ولده فقد ضره، لقوله تعالى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ولم يفصل بين أن يكون للصبي مال أم لا.

  ولقوله تعالى في سورة بني إسرائيل: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} فلو لا أن النفقة لازمة له لم يخش الإملاق، وللخبر الوارد فيمن قال للنبي ÷: معي دينار، فقال: أنفقه على نفسك) إلى أن قال: (أنفقه على ولدك)⁣(⁣١). وقال المؤيد بالله، وأبو حنيفة، والشافعي: إذا كان الولد غنيا فلا شيء في مال أبيه، وهذا قول الأكثر، وصحح للناصر، وتخص العمومات المذكورة بالقياس على البالغ، ولا يصح القياس على الزوجة⁣(⁣٢)؛ لأن الأب لو كان معسرا [ولا يمكنه التكسب]⁣(⁣٣) والصبي موسرا لسقطت على الأب، ولأن نفقة الولد لو قسناها على نفقة الزوجة لم يسقط ذلك بالبلوغ، فإن النفقة بعد بلوغ الصبي في ماله إجماعا.

  ومنها: نفقة القريب المعسر، فإنها تجب على قريبه الموسر، وهذا


(١) ولعل سقوط وجوب الإنفاق على الوارث غير الأب في حق الصبي الغني مخصوص بالإجماع. والله أعلم. (ح / ص).

(٢) قوي للقائلين بأن الصبي إذا كان موسرا فلا شيء في مال الأب، إذا قال الأولون: يقاس الولد على الزوجة في وجوب النفقة مع الاعسار، وعدم إمكان التكسب.

(٣) ما بين القوسين ثابت في بعض النسخ.