تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {إلا ما حرم إسرائيل على نفسه}

صفحة 193 - الجزء 2

  محمد ÷ فقالوا: يا أبا القاسم أخبرنا أيّ الطعام حرم إسرائيل على نفسه، قبل أن تنزل التوراة؟ فقال: أنشدكم الله هل تعلمون أن يعقوب # مرض مرضا شديدا، وطال سقمه، فنذر إن عافاه الله تعالى من سقمه ليحرم أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب ذلك إليه لحوم الإبل وألبانها؟ فقالوا: اللهم نعم، فقال ابن عباس: فلما حرمه يعقوب على نفسه، قال اليهود: حرمناه على أنفسنا؛ لأن يعقوب حرمه على نفسه.

  وعن الحسن «حرم يعقوب على نفسه لحم الجزور، تعبدا لله تعالى، وسأل أن يجيز ذلك، فحرمه الله تعالى على ولده، قبل أن تنزل التوراة.

  واختلف في المحرم على بني إسرائيل، بعد نزول التوراة، فقيل: حرم الله عليهم بعد نزولها ما حرم قبل نزولها على إسرائيل، فحرموه على أنفسهم اقتداء به، وهذا مروي عن السدي⁣(⁣١).

  وقيل: حرّم عليهم بتحريم يعقوب، فإنه نذر أن لا يأكله هو وولده، ولم يكن محرما في التوراة عن عطاء.

  وقيل: لم يحرّم في التوراة، وإنما حرم عليهم بعد ذلك لظلمهم وكفرهم، وكانت بنوا إسرائيل إذا أصابوا ذنبا عظيما حرّم عليهم طعام طيب، أو صبّ عليهم رجز، وهو الموت عن الكلبي.

  دليله قوله تعالى في سورة النساء: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}⁣[النساء: ١٦٠] وقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ


(١) وهذا وما قبله وما بعده مثله في التهذيب، ولفظه في هذه الفقرة: (فقيل: إنه تعالى حرم عليهم ما كانوا يحرمونه قبل نزولها اقتداء بنبيهم يعقوب عن السدي).