وقوله تعالى: {كان حلا لبني إسرائيل}
  ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ}[الأنعام: ١٤٦] وقيل: لم يكن شيء من ذلك حراما عليهم، ولا حرمه الله تعالى، وأنما هو شيء حرموه على أنفسهم، ثم أضافوا تحريمه إلى الله تعالى.
  واختلف في تحريم يعقوب # ذلك على نفسه، فقيل: بوحي من الله تعالى، وقيل: باجتهاد، وقيل: بالنذر.
  وقيل: إن ذلك كما يفعل المستظهر على نفسه من الزهاد.
  وقيل: أشارت عليه الأطباء باجتنابه لذلك ففعل، وذلك بإذن من الله تعالى فهو كتحريم الله ابتداء.
  ثمرة الآية:
  أن يقال فيها دلالة أن المطاعم كلها حلال؛ لأنها حلال لبني إسرائيل، إلا الذي حرم إسرائيل على نفسه فيحرم علينا، لأن شرائع من قبلنا تلزمنا، ما لم تنسخ عنا، ويجاب: بأنه قد ورد الناسخ لهذه الشريعة بما ورد في شريعتنا من تحليل الأنعام وألبانها.
  فإن قيل: في هذا دليل على أن ما حرم الإنسان على نفسه، أو على ولده حرم، قلنا: ذلك في شريعة يعقوب لا في شريعتنا فلا يحرم لقوله تعالى في سورة المائدة: {لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ}[المائدة: ٨٧](١) وقوله تعالى في سورة التحريم: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ}[التحريم: ١].
  ويدل على استحباب النذر عند نزول البلاوي، وهو ثابت في شريعتنا، وعليه قوله تعالى في سورة الدهر: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}[الإنسان: ٧] ونحو ذلك.
(١) يقال: هذا نهي عن التحريم فن أين أنه لا يقع إذا فعل فينظر.