وقوله تعالى: {فإن تولوا}
  قال الأمير: وظاهر كلام الهادي، وأحسب أنه قول النفس الزكية: إنه يشترط أن يكون معه طائفة من المؤمنين، يتمكن بهم من إنفاذ الأحكام على المشركين، وذهب سائر أهل البيت إلى جواز الاستعانة من غير هذا الشرط، وقد كان يستعين ÷ بالمنافقين حتى نزل قوله تعالى في سورة التوبة: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} وبين تعالى(١) العلة في ترك خروجهم بقوله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً}(٢) أي: فسادا، فدل أنه لا يجوز الاستعانة بمن هذه حاله.
  وقد قال علي # لبعض الخوارج: (ولا نمنعكم نصيبكم من الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا).
  وحديث صحيح مسلم يحتاج إلى التأويل.
  وأما الاستعانة بالمشركين على قتال البغاة فجائز عند الأئمة، وأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي(٣)؛ لأن الجهاد فرض على الجميع، والمقصود التّقوّي على الأعداء.
  وأحد قولي الشافعي: لا يجوز؛ لأنهم يتشفون.
  ودلت الآية على وجوب الهجرة، وقد فسرت الآية بالهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، فقيل: إنها محكمة، وقيل: منسوخة بقوله تعالى: {فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ}، وقيل: أراد بالهجرة مخالفة الكفار، والدخول في الإسلام. عن أبي مسلم.
  وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} قال ابن عباس: عن الهجرة، وقيل: عن الدين، وقيل: عن النبي وأمره.
(١) ساقط في (ب).
(٢) بعد قوله تعالى: {ما زادُوكُمْ} نهاية [ب - ب].
(٣) وهو المختار للمذهب