تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فإن تولوا}

صفحة 422 - الجزء 2

  قال الأمير: وظاهر كلام الهادي، وأحسب أنه قول النفس الزكية: إنه يشترط أن يكون معه طائفة من المؤمنين، يتمكن بهم من إنفاذ الأحكام على المشركين، وذهب سائر أهل البيت إلى جواز الاستعانة من غير هذا الشرط، وقد كان يستعين ÷ بالمنافقين حتى نزل قوله تعالى في سورة التوبة: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} وبين تعالى⁣(⁣١) العلة في ترك خروجهم بقوله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً}⁣(⁣٢) أي: فسادا، فدل أنه لا يجوز الاستعانة بمن هذه حاله.

  وقد قال علي # لبعض الخوارج: (ولا نمنعكم نصيبكم من الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا).

  وحديث صحيح مسلم يحتاج إلى التأويل.

  وأما الاستعانة بالمشركين على قتال البغاة فجائز عند الأئمة، وأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي⁣(⁣٣)؛ لأن الجهاد فرض على الجميع، والمقصود التّقوّي على الأعداء.

  وأحد قولي الشافعي: لا يجوز؛ لأنهم يتشفون.

  ودلت الآية على وجوب الهجرة، وقد فسرت الآية بالهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، فقيل: إنها محكمة، وقيل: منسوخة بقوله تعالى: {فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ}، وقيل: أراد بالهجرة مخالفة الكفار، والدخول في الإسلام. عن أبي مسلم.

  وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} قال ابن عباس: عن الهجرة، وقيل: عن الدين، وقيل: عن النبي وأمره.


(١) ساقط في (ب).

(٢) بعد قوله تعالى: {ما زادُوكُمْ} نهاية [ب - ب].

(٣) وهو المختار للمذهب