قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}
  استولى، واستوى: صعد وعلا، أما الأول: فيقال: استوى أمره، أي استقام، ويُقال:
  دبر أمر العراق، ثم استوى الشام، أي قصد، كأنه مر على الاستقامة، وفي الاستيلاء يقال: استوت له الأمور كأنه استقام له واستوى على سريره، أي علا كأنه استقام عليه، والتسوية: التقويم، وحقيقتها جعل الشيء على الاستواء.
  والسبع للمؤنث، والسبعة للمذكر، وقد جاء التأنيث والتذكير على خلاف الأصل.
  وعليم: فَعِيل من عَلِمَ، ومعناه عالم، غير أن في «عليم» مبالغة ليست في «عالم».
  · الإعراب: يقال: لِمَ قال: «ثُمَّ استوَى إِلَى السَّمَاءِ» على لفظ الواحد، ثم قال: «فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ» على لفظ الجمع؟
  قلنا: فيه قولان:
  أحدهما: أن معنى السماء معنى الجمع، وإن كان مخرجها مخرج الواحد؛ لأنها اسم للجنس كقولك: أهلك الناسَ الدينارُ والدرهمُ.
  والثاني: قيل: هي جمع، واحدها سماوة وسماة، وذكر قطرب ما لفظه لفظ الواحد ومعناه معنى الجمع، نحو قوله: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ٤}، وقال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} وقال تعالى: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ١٦}.
  · المعنى: ثم احتج تعالى حجة بالغة، وَعَدَّ عليهم نعمًا سابغة، فقال: «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا» الخطاب للمكلفين؛ لأنه تعالى خلقهم للعبادة وتعريضًا للثواب، وخلق سائر الحيوانات والجمادات لمنافعهم إما في الدين وإما في الدنيا، فجميع ما