قوله تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين 64 ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم 65 ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون 66}
  وتدل على أن الاستطاعة قبل الفعل من وجوه:
  منها: قوله: «لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ» دل أنهم كانوا ممكنين من ذلك حتى يصح الكلام؛ إذ لا يقال للأعمى: هلا نَقَطْتَ المصحف، وللمُقْعد: هلا مشيت.
  ومنها: أنه ذمهم على ترك النهي، ولو نَهَوْا ولم يقدر أولئك على ذلك فما معنى النهي.
  ومنها: أنه وبخهم وذمهم، ويستحيل ذم مَنْ لا يَقْدِرُ.
  ومنها: أنه لو كانت القدرة موجبة لكان صُنْعُهُم فِعْلَ اللَّه تعالى كالعلة والمعلول، فكان لا يصح أن يقال: «لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ»؛ لأن ذلك صنعه.
قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ٦٤ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ٦٥ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ٦٦}
  · اللغة: اليد في اللغة تتصرف على خمسة أوجه: بمعنى الجارحة، وهو الأصل في الباب، وبمعنى النعمة، وبمعنى القوة والملك، وتحقيق إضافة الفعل، فالأول كقوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}.