التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون 104 ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم 105 يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون 106}

صفحة 1263 - الجزء 2

  لاستحالة تكليف ما لا يطاق، فلا معنى لدعوى النسخ فيه، قال علي بن عيسى:

  ويجوز أن يحمل قولهم على وجوه، وهو أنهم ذهبوا إلى أنه يدخل فيه القيام بالقسط في الخوف والأمن، ويحمل المطلق على تحمل المشقة، و (ما استطعتم) على نفي المشقة، وقال بعضهم: المراد به الاتقاء المغلظ والمخفف، فنسخ المغلظ والمخفف، قال القاضي: وهذا بعيد؛ لأن الواجب عليه أن يتقي فيما أمكن، فالنسخ يدخل في الواجبات لا في التقى، وعلى أنه لا يفهم من الآيتين إلا معنى واحد، فلا معنى لادعاء النسخ.

  وتدل على وجوب التمسك بالطاعة دائمًا إلى أن يموت.

  وتدل على المنع من التسويف بالتوبة.

  وتدل على وجوب اتباع القرآن والإجماع.

  وتدل على ذم الافتراق كما فعله اليهود والنصارى.

  وتدل على جواز إضافة الفعل بمعنى أنه أمر ومكن ولطف؛ لأن التأليف فعلهم، ولكن حصل بأمره تعالى ولطفه ودعوته.

  وتدل على عظيم نعمه بالرسول والكتاب لما بهما من النجاة من العذاب الدائم.

  وتدل على بطلان الجبر؛ لأن قوله: «لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» أي لكي تهتدوا.

  وتدل على أنه أراد من الجميع الاهتداء.

  وتدل على أن الموافقة في الدين أعظم مِنَّة من القرابة في النسب.

قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٤ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ١٠٥ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ١٠٦}

  · القراءة: قرأ العامة «تَبْيَضُّ» «وتَسْوَدُّ» بفتح التاء في الحرفين من غير ألف، وعن يحيى بن