قوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم 113 وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم 114}
  بالجنة والثواب، وقيل: من اجتمع فيه هذه الأوصاف، فإنه لا يجب عليه شيء إلا ودخل تحت قوله: «وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ»، وإنما أدخل الواو في قوله: «وَالنَّاهُونَ» «وَالْحَافِظُونَ»؛ لأنها أعز مما تقدم، فعطف عليه.
  · الأحكام: تدل الآية الأولى على عِظَمِ أمر الجهاد وموقعه في العبادة، وذكر البيع والشراء توسعًا، وهو من فصيح الكلام، ووجهه: أنه جعل بذلهم أنفسهم في الجهاد طلبًا للثواب بيعًا، وجعل ما طلبوه، وهو الجنة ثمنًا، ولما كان هو الآمر به، والمرغب فيه، وقابل ما بذلوه، وباذل ما طلبوه وصف بأنه مُشْتَرٍ.
  وتدل على أن الجهاد من تعبد التوراة والإنجيل أيضًا، كما هو متعبد به في القرآن.
  وتدل على أنه تعالى لا يخلف وعده ووعيده.
  وتدل على أن الجنة لا تنال بالجهاد وحده حتى يَنْضَمَّ إليه ما ذكر في الآية الثانية، فيبطل قول المرجئة.
  وتدل الآية على جميع العبادات التي تعبد اللَّه بها في التوبة، وأداء الفرائض، واجتناب الكبائر، ثم جمع جميع ذلك في قوله: «وَالْحَافِظُونَ لِحدود اللَّهِ».
  وتدل على أن الجهاد وجميع ما ذكر من الأوصاف فعلهم؛ لذلك مدحهم به.
قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ١١٣ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ١١٤}
  · القراءة: قراءة العامة: «إياه» بالياء، وعن الحسن «وعدها أباه» بالباء من الأب.