التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين 86 أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين 87 خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون 88 إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم 89}

صفحة 1233 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية أن الدين والإسلام والإيمان واحد؛ لأن جميع ذلك مقبول، ولو كانوا أغيارًا لما قبل بظاهر الآية فدل أنها عبارات عن معنى واحد.

  وتدل على أن الطاعات كلها من الدين والإسلام والإيمان، وكذلك ترك المعاصي لأن ذلك مقبول، ولأنه لو كان غيرها لجاز أن تبتغى ما ليس بدين وإيمان، والآية تمنع من ذلك.

  وتدل على أن الإسلام الذي هو الانقياد قد يحصل طوعًا وكرهًا، فأما الذي به يستحق الثواب فما يجعل طوعًا.

  وتدل أن الإيمان بجميع الرسل واجب.

  وتدل أن الإسلام هو الذي يجب أن يتخذ دينًا وبه النجاة.

  وتدل على أنه علم نبيه بقوله: «قُلْ آمَنَّا» أن يخاطب عن نفسه بما ينبئ عن التفخيم والتعظيم.

  وتدل أن ما لا يثبت بالشرع فليس بدين؛ لأنه لا يقبل.

  وتدل على أن من عدل عن الإسلام هلك، والعدول عنه قد يكون بالرد وبالتقصير وبالزيادة وبالنقصان، فيجب اجتناب جميعه.

قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٨٦ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ٨٧ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ٨٨ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٨٩}