قوله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين 31 وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم 32}
  معكم، ولن تفقدوا مني نصحًا ورأيًا، فقالوا: ادخل، فدخل، وكانت القصة؟
  قلنا: هذا على وجهين: إن قال: إن إبليس غيَّر صورة نفسه، فهو كفر؛ لأن المصور هو اللَّه - تعالى - فقط، وإبليس وغيره لا يقدرون على ذلك، ولو قدر عليه لاشتد علينا معرفة النبوءات نحو أن يكون هو قلب العصا حيّة، وإذا جاز أن يقدر هو جاز أن يقدر غيره، فلا يعلم أن شيئًا من المعجزات فِعْلُ اللَّه تعالى، ولا نثق بأهل ولا ولد؛ لجواز أن إبليس غير صورهم أو تصور بصورهم، وفي هذا هدم الدين، بل هدم المشاهدات والضروريات.
  فإن قالوا: إن اللَّه - تعالى - غَيَّرَ صورته، وإذا كان ذلك في زمان الأنبياء يجوز نقض العادة عندكم أيضًا؟
  فجوابنا أن هذا فاسد؛ لأنه - تعالى - إنما يفعل ذلك تقوية للأنبياء، لا توهينًا لأمرهم، ولا بد أن يفعله على وجه يعلم به النبي، ويتعلق بدعواه.
  ومتى قيل: فقد تظاهرت الرواية بهذا، فما تأويله؟
  فجوابنا: إن ثبتت الرواية فذلك كان شيخًا كافرًا من أهل نجد دخل مع القوم مدبرًا، ورجعوا إلى رأيه، وسمي إبليس تشبيهًا به في الإضلال والكفر، كما يقال:
  شياطين الجن والإنس، ويقال لمن يضل غيره: هو إبليس، ونعوذ بِاللَّهِ من أن نقول ما لا نعلم، ونسأله العصمة من قول أهل الحشو.
قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ٣١ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣٢}