التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا 78}

صفحة 1639 - الجزء 2

  لأن ذلك لا يليق إلا بهم، وهو اختيار أبي علي وجماعة، فأما أكثر المفسرين على أنه في صفة المؤمنين، وذلك غير بعيد لجواز أن يخاف المؤمنون قتل الكفار، وقالوا ذلك لكنهم مع ذلك قاموا بالواجب ولم يخلّوا فتكون درجتهم أعظم؛ لأن الخائف الجبان قد يقوم بالواجب، وقد يمتنع الشجاع البطل من الواجب.

  وتدل على تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة؛ لأنه خير وأبقى.

قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ٧٨}

  · اللغة: البروج: جمع برج، وأصله الظهور، تبرجت المرأة إذا أظهرت محاسنها، والبَرَجُ في العين: اتساعها لظهورها بالاتساع.

  والشَّيْدُ: رفع البناء يقال: شَادَ بناه، يَشِيدُهُ شيدًا إذا رفعه، والشيد: الحصن؛ لأنه مما يرفع به البناء، ويجوز أشاد الرجل بناه، فأما في الذِّكْر فيقول: أشدت بذكره لا غير، إذا رفعت منه.

  والفقه: الفهم من قولك فقه فقهًا، والاسم منه الفقيه، ثم صار في العرف علمًا لعلم الفتيا من علوم الدين، والتفقه: تعلم الفقه، وتفاقه: تعاطى ليرى أنه فقيه وليس كذلك.

  والأسماء ثلاثة: لغوي، وعرفي، وشرعي، فاللغوي: ما وضع في اللغة لشيء فهو حقيقة فيه، ثم يستعمل فيما لم يوضع له فيكون مجازًا، والعرفي: ما تعورف استعماله في شيء حتى صار كالحقيقة فيه، والشرعي: ما نقل بالشرع عن اللغة إلى