التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا 20 انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا 21 لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا 22}

صفحة 4183 - الجزء 6

  اطلبوا الآخرة فما رأيت طالبها إلا نالها وربما نال الدنيا، وما رَأَيْت طالب دنيا نال الآخرة وربما لا ينال الدنيا أيضاً.

  وتدل على أن السعي المشكور الموجب للجنة الإيمان والعمل الصالح خلاف قول المرجئة.

  وتدل على أن الِفسق فعلُهم، وكذلك الإرادة، فيصح قولنا في المخلوق.

قوله تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ٢٠ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ٢١ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ٢٢}

  · اللغة: الإمداد: الإعطاء، وأصله من المد، عن أبي مسلم.

  والحظر أصله: المنع، ومنه المحظور الحرام، ومنه الحظيرة.

  والقعود ضد القيام، هذا هو الأصل، ثم يسمى العاجز عن الشيء قاعداً، كما يقال لمن عجز عن أمره: ما الذي قعد بك عن هذا، أي: ما الذي أعجزك، وهذا كما يقال لذي الفضل والجميل من الفعل: ساعٍ في الخير وأفعاله مساعٍ، قال الشاعر:

  دَعِ الْمَكَارِمَ لَا تَنْهَضْ لِبُغْيَتِهَا ... وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي

  والمخذول: المتروك لا ناصر له، والخذلان من اللَّه ضد التوفيق.

  · الإعراب: «كُلًّا» منصوب لوقوع الفعل عليه، وهو (نمد) وموضع {هَؤُلَاءِ} نصب على البدل من قوله: «كُلًّا»، والثاني معطوف على الأول.