التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين 93 فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون 94 قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين 95}

صفحة 1243 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية على أن البر والجنة لا تنال إلا بالإنفاق، وهذا لا يليق إلا بالواجب، فوجب أن يحمل عليه.

  وتدل على أن الإنفاق يجب أن يكون من أحب ماله فلا يؤدي الأدون، وعن مجاهد أن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة، وإذا حملنا الآية على الزكاة وغيرها من الواجبات لم يصح ادعا النسخ فيها.

قوله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٩٣ فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٩٤ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ٩٥}

  · اللغة: الطعام: المأكول، يقال: طعمت الشيء طعمًا، والطعام يقع في كل ما يطعم حتى الماء، ومنه: {وَمَن لم يَطْعَمهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} وقيل: الطعام: البُرُّ خاصة، وهو في العرف وأصل اللغة ما ذكرناه أولاً.

  والحل: الحلال خلاف الحرام.

  والافتراء: اقتراف الكذب، وأصله قطع ما يقدر من الأديم، فرى الأديم يَفْرِيهِ فريًا، وسمي الكذب فرية وافتراء؛ لأنه يقطع به على التقدير من غير تحقيق.

  والظلم والجور نظيران وبينهما فرق، فالظلم: النقصان للحق، والجور:

  العدول عن الحق؛ ولذلك خولف بين النقيضين، فنقيض الجور العدل، ونقيض الظلم الإنصاف.

  والكذب خلاف الصدق، وهو الخبر عن الشيء بخلاف ما هو به.