التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون 64 والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون 65 وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين 66}

صفحة 4062 - الجزء 6

  ومنها: قوله: {أَعْمَالَهُمْ} فأضاف العمل إليهم، وعندهم لا تأثير للعبد في العمل.

  ومتى قالوا: عندنا أنه خلق لله تعالي كسب للعبد؟

  فجوابنا من وجهين:

  أحدهما: أن الكسب لا يعقل، لأنه لا صفة للفعل إلا ويحصل عليه بِاللَّهِ تعالى، فما الذي يضاف إلى العبد.

  وثانيها: أنه وإن عقل وأثبت صفة فهو تبع للخلق، لأنه إذا خلق فلا يقدر العبد على الامتناع، فصار كأنه جهة لفعله، والكلام في ذلك مبين واضح في الكتب بحمد الله.

قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٦٤ وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ٦٥ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ٦٦}

  · القراءة: قرأ أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي: «نُسْقِيكُمْ» بضم النون من أسقيناه، وقرأ شيبة ونافع وابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب بفتح النون من سقيناه، واختاره أبو عبيد، قال: لأنه شرب دائم، وقيل: هما لغتان.

  وأما الكسائي فقال: أسقيته جعلت له شراباً دائماً من نهر أو لبن أو غيرهما، وسقيته أعطيته شربة واحدة، وقال لبيد:

  سَقَى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وَأَسْقَى ... نُمَيْرًا وَالْقَبَائِلَ مِنْ هِلَالِ