التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما 148}

صفحة 1802 - الجزء 3

  · المعنى: لما تقدم الوعيد والغفران بَيَّنَ أنه تعالى لا حاجة له في شيء من ذلك، وإنما يفعله لمصلحة العباد، فقال سبحانه: «مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ» قيل: الخطاب للمنافقين، كأنه قيل: لا حاجة له في جعلهم في الدرك الأسفل إذا تبتم وشكرتم؛ لأن الحاجة لا تجوز عليه، لكن حق القول منه بأن يثيب من أطاع، ويعاقب من عصى، وقيل: خطاب لجميع المكلفين وبيان أنه لا حاجة به، وأنه يعاقب لا لحاجة، لكن بالحكمة، فإن آمنتم لا يعاقبكم «وَكَان اللَّه شَاكِرًا» يشكر عباده على طاعاتهم بأن يثيبهم عليها «عَلِيمًا» بأعمالهم يجازيهم بحسنها.

  · الأحكام: تدل الآية أنه لا يعاقب لأمر يخصه وإنما يعاقب للاستحقاق، وبالإيمان يزول الاستحقاق فيزول العقاب إلى المغفرة.

  وتدل على أنه تعالى لا يضيع شيئًا من أعمال عباده؛ لأن قوله: «شاكرًا» يريد أنه يجازيه على ذلك.

  وتدل على أنه يصل إلى النجاة بالإيمان والشكر، فيبطل قول المرجئة.

قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ١٤٨}

  · القراءة: قراءة العامة «ظُلِمَ»، بضم الظاء وكسر اللام، على ما لم يسم فاعله، وعن بعضهم «ظَلَمَ» بفتح الظاء واللام على فعل ماض، فالأول على تقدير: مَنْ لحقه الظلم أبيح له جهر القول، وعلى الثاني من ظَلَمَ فاجهروا له السوء من القول.