التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذبت ثمود بالنذر 23 فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر 24 أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر 25 سيعلمون غدا من الكذاب الأشر 26 إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر 27 ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر 28 فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر 29 فكيف كان عذابي ونذر 30 إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر 31 ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر 32}

صفحة 6686 - الجزء 9

  «فِي يَوْمِ نَحْسٍ» أي: يوم شؤم، عن قتادة، وقيل: نحس: بارد و «مُسْتَمِرٍّ» استمر بهم العذاب إلى نار جهنم، وقيل: مستمر من نعت اليوم، وقيل: من نعت الريح، أي: دام هبوبه، وقيل: استمرت بهم سبع ليال وثمانية أيام حتى أتت عليهم شيئًا بعد شيء «تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ» قيل: تقتلع الناس، ثم ترمي بهم على رؤوسهم، فتدق رقابهم، وقيل: تنزع الناس من حفر حفروها ليمتنعوا بها من الريح، وقيل: تنزع الأرواح من الأجساد، وتتركهم صرعى هالكين كأنهم أعجاز نخل؛ لأن رؤوسهم سقطت عن أبدانهم، عن ابن زيد، والأعجاز: الأصول، عن ابن عباس، وشبههم بالنخل لطولهم «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا» سهلنا «الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ» أي: ليذكر من يتعظ به «فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ» أي: متعظ.

  ومتى قيل: كيف يجمع بين قوله: {يَوْمِ نَحْسٍ} و بين قوله: {أَيَّامٍـ نَحِسَاتٍ}⁣[فصلت: ١٦] وبين قوله: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}⁣[الحاقة: ٧]؟

  قلنا: اليوم عبارة عن الوقت، ثم سائر الآيات تعبير له؛ لأن الوقت قد يقصر، وقد يطول.

  · الأحكام: تدل الآيات أن التكذيب فعلُهم، ليس بخلق الله حتى استوجبوا العقاب بذلك.

  وتدل على أنه تعالى يفعل بِسَبَبٍ؛ لأنه أهلكهم بالريح، خلاف ما يقوله أبو علي.

  وتدل على الحث على التفكر، وأنه فعل العبد.

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ٢٣ فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ٢٤ أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ٢٥ سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ٢٦ إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ٢٧ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ٢٨ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ٢٩ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ٣٠ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ٣١ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ٣٢}