التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما 65}

صفحة 1616 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية أن الغرض والمقصود من البعثة أن يطاع، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ: إن الغرض ممن لا يؤمن به الرد والعصيان، بل قد يبعث نبيًا والغرض ألا يقبل منه ألبتة، بل الغرض أن يعصى، وهذا خلاف الكتاب، وتدل على أن مع كل رسول شريعة؛ لأن ظاهر القول يقتضي ذلك، ولو كانوا يدعون إلى العقليات لكان هم وغيرهم سواء، فلا يكون للرسول اختصاص.

  وتدل على أن العاصي قد ظلم نفسه بعصيانه، وتدل أن الظلم فعلهم، وكذلك الاستغفار، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

  ويدل على ذلك قوله: «إِلَّا لِيُطَاعَ»؛ لأنه لو خلق الطاعة عندهم أطيع وإن خلق المعصية عصي، والأمر موقوف على خلقه لا على البعثة.

  وتدل على وجوب التلافي بالتوبة، وإنه إذا تاب غفر له.

  وتدل على أن مجرد الاستغفار لا يكفي؛ لأنه ما لم يتب لا يستغفر لهم الرسول.

  وتدل على أن الرسول يشفع للتائبين، فيبطل قول من يقول: لا فائدة في شفاعة التائبين.

  وتدل على أنه تعالى يقبل التوبة حالاً بعد حال؛ لأن قوله تعالى: «تَوَّابًا» ينبئ عن ذلك.

قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ٦٥}

  · اللغة: الحكم أصله المنع، ومنه سميت حَكَمَتُ الدابة، وحَكَمْتُ السفيه، وأحكمته أخذت على يده، قال جرير:

  أَبنيِ حَنِيفَةَ أَحْكمُوا سُفَهاءكم ... إنّي أَخَافُ عليكمُ أَنْ أَغْضبا