التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6}

صفحة 213 - الجزء 1

  والثاني: ما يقربه إلى فِعْلِ ما كُلِّفَ، أو إلى اختياره، كالألطاف، ويختص ذلك بِمَنْ المعلوم أن له لطفًا، ثم اللطف قد يتقدم الفعل وقد يقارنه.

  ومتى قيل: إذا كان عندكم المعونة منه واجبة فما معنى السؤال؟

  قيل: من عَلِمَ حُسْنَ فِعْلٍ أَحبًّ أن يعان عليه، ولأن الطلب قد يكون عبادة وإن كان واجبًا، كاستغفار الملائكة للمؤمنين، ولأنه قد يكون لطفًا عند سؤال العبد، ولا يكون لطفًا لولا سؤاله ولهذا تعبَد به.

قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}

  · القراءة: قرأ حمزة «الصِّرَاطَ» بإشمام الصاد الزاي كل القرآن، وروي عنه ذلك، وعن الكسائي بإشمام السين كل القرآن، وقرأ يعقوب برواية رويس بالسين كل القرآن، وقرأ الآخرون بالصاد الصافية كل القرآن، فمن قرأ بالسين فإنه لزم أصل الكلمة، وروي عن ابن كثير، وقيل: إنه غلط عليه. ومن قرأ بإشمام السين لزم ما يدل على الأصل، ومن قرأ بإشمام الزاي فللتآخي بين الصاد والزاي بالجهر؛ لأن الزاي مجهورة، وكذلك الصاد، فأما الضاد فمهموسة، ومن قرأ بالصاد فللتآخي بينها وبين الطاء؛ لأن الطاء مطبقة مستعلية، وكذلك الصاد، والاختيار الصاد لوجوه:

  منها: أن اجتماع الحرفين المتشاكلين أحسن في المسموع من اجتماع المتنافرين، ولأنهما لغة قريش، ولأنها في المصحف بالصاد، ولأن أكثر الأئمة عليه.

  · اللغة: أصل الهداية في اللغة الدلالة، يقال: هديته إلى الطريق، أي دللته، ونقيض الهداية الضلال، ونظيره الإبانة، وحقيقته الدلالة على الحق.