التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين 89 إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون 90}

صفحة 4094 - الجزء 6

  الطوال، عن ابن مسعود، وقيل: هي أنهار من صفر مذاب كالنار يعذبون بها، عن ابن عباس، ومقاتل، وقيل: هو إخراجهم من عذاب النار إلى عذاب الزمهرير، وقيل:

  حيات كأمثال البخت وعقارب كالبغال، عن سعيد بن جبير، وقيل: عذاباً فوق عذاب أتباعهم، عن الأصم. «بِمَا كَانوا يُفْسِدُونَ» في الدنيا وفسادهم الكفر والصد عن سبيل اللَّه وسائر معاصيهم.

  · الأحكام: الآية تدل على أنه سبحانه يحيي الأوثان يوم القيامة وينطقهم حتى تخبر عبادها بأنهم كانوا كاذبين توبيخاً لهم، وذلك زيادة عقوبة لهم، وفي الخبر عنه لطف لنا.

  وتدل على أن الصد عن الدين من أعظم الذنوب فلذلك استحق تضعيف العذاب، فيدخل فيه كل من دعا إلى بدعة وضلالة ومعصية، وعلى الضد من ذلك كل من دعا إلى الدِّين والسنة وطاعة اللَّه يضاعف له الثواب، وقد وردت السنة بما يؤكد ما قلنا.

  وتدل على أن الكفر والصد فعل الكفار، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ٨٩ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٩٠}

  · اللغة: التبيان والتبيين واحد في المعنى، وهما مصدر تبينت تبياناً نحو: كررت تكرارًا وتكريراً.