التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين 194}

صفحة 794 - الجزء 1

  ويدل ظاهر الآية على وجوب القتال ما دام الكفر يبقى فتدل على أنه لا يؤخذ من مشركي العرب جزية، وقد بَيَّنَّا ذلك، ولا خلاف أن المجوس تقبل منهم الجزية، واحتج بهم على أن مشركي العجم يجوز أخذ الجزية منهم، والشافعي جعلهم من أهل الكتاب.

قوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ١٩٤}

  · اللغة: سمي الشهر حرامًا؛ لأنه يحرم فيه ما يحل في غيره من القتال ونحوه.

  والحرمات: جمع حرمة كظلمات وظلمة، وحجرات وحجرة، والحرمة: ما يجب حفظه، ويحرم هتكه.

  والقصاص: المساواة، وهو أن يُفْعل به مثل ما فعل.

  والمعتدي: الظالم المجاوز للحد، وعدا واعتدى قيل: بمعنى، كقرب واقترب، وقيل: في «افتعل» مبالغة.

  · الإعراب: (مع): حرف المقارنة، ومعناه ههنا مصاحبة النصرة للمتقين.

  ويقال: أين خبر قوله: «الشهْرُ الْحَرَامُ» وكيف تقدير الكلام؟

  قلنا: فيه قولان:

  الأول: قتال الشهر الحرام بقتال الشهر الحرام.

  والثاني: الشهر الحرام بالشهر الحرام على جهة العوض لما فات من الحج في السنة الأولى.