التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين 149}

صفحة 2722 - الجزء 4

  وقيل: كان السامري صائغًا فصاغ ذلك، وإنما أضاف الصوت إليه؛ لأنه كان محله عند دخول الريح جوفه.

  «أَلَمْ يَرَوْا» قيل: ألم يعلموا، أو قيل: ألم يروا بأبصارهم «أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا» دلّ - تعالى - على فساد ما ذهبوا إليه بأن من لا يتكلم لا بخير ولا شر، ولا يهدي إلى طريق فهو جماد، لا ينفع ولا يضر، فكيف يكون إلهًا؟؛ ولأن دلالة الحدث قائمة فيه «اتَّخَذُوهُ» قيل: اتخذوه إلهًا وعبدوه «وَكَانُوا ظَالِمِينَ» قيل: ظلموا أنفسهم بأن تجنبوا حظها بعبادة العجل، ولم يتفكروا فيه، فاستوجبوا النار، عن الأصم وأبي مسلم. وقيل: ظالمين: كافرين.

  · الأحكام: تدل الآية على حجة الحجاج في الدين، فإنه - تعالى - دلهم في بطلان اتخاذ العجل إلهًا بأنه لا يكلم ولا يهدي، وإنما ذكر الكلام؛ لأن الخوار تنفذ فيه الحيلة، ولا تنفذ في الكلام.

  وتدل على أن إزالة الشبهة في الدين واجب، كما أزالها تعالى.

  وتدل على أن القوم كانوا جهالاً غير عارفين حقيقة الأشياء؛ لذلك عبدوا العجل.

  وتدل على أن تلك الحلي كانت ملكًا لبني إسرائيل؛ لذلك قال: «حُلِيِّهِمْ» فإن ثبت أنهم استعاروه، فتدل على زوال ملكهم وانتقال الملك إلى بني إسرائيل كما تملك أموال أهل الحرب.

  وتدل على أن الاتخاذ فعلهم، فتصحح قولنا في المخلوق.

قوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ١٤٩}