التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون 51 فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين 52 وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون 53 الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير 54 ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون 55}

صفحة 5635 - الجزء 8

  ويدل قوله: {فَانْتَقَمْنَا} الآية، أنه ينصر المؤمن، وأن ذلك واجب في حكمته، وفيه حث على الصبر وتسلية.

  ويدل قوله: {فَانْظُرْ} على صحة الحجاج والقياس وصحة البعث.

  ومتى قيل: كيف يدل؟

  قلنا: من قدر على إعادة الأرض والأشجار التي خلقها بعد الجدوبة يقدر على إيجاد الخلق؛ لأنه تعالى يعيد حال الأشجار بأعراض وأجزاء الخلق، كذلك يحيي الموتى في إعادة الأجزاء والحياة.

  ومتى قيل: وما الدليل على صحة إعادة الأجسام؟

  قلنا: لأنه مما يصح عليه البقاء، فلا فرق بين بقائه أوقاتًا متوالية وبين أن يفنيه ثم يعيده؛ لأنه بعد الفناء يصح أن يكون مقدورًا، والله تعالى قادر لذاته فلا تخصيص في مقدوره، فلا يصح كونه مقدورًا إلا له، فلهذين الوجهين صحت الإعادة على الأجسام.

قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ٥١ فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ٥٢ وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ ٥٣ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ٥٤ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ٥٥}

  · القراءة: قرأ عاصم وحمزة: (الضَّعْف) بفتح الضاد، والباقون بضمها، وهو اختيار أبي عبيد؛ لأنها لغة النبي ÷ الفتح والضم، وخالف حفص عاصمًا في هذا الحرف، فقرأه بضم الضاد، قال حفص: ما خالفت عاصمًا إلا في هذا الحرف لما روى عطية