التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون 98 قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون 99}

صفحة 1253 - الجزء 2

  والسابع: صحة البدن والسلامة.

  والثامن: الزاد، وهو الزاد له ذاهبًا وجائيًا بالمعروف، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه، وعند الشافعي ذاهبا فقط وهذا في الآفاق، فأما من كان داره وراء الميقات فلا يشترط الزاد والراحلة، وعن مالك أنه لا يشترط الزاد والراحلة أصلاً إذا أمكنه السير.

  والتاسع: الراحلة وأكثر الفقهاء على أنه يشترط في وجوب الحج، إلا ما روي عن مالك، وروي نحوه عن الضحاك.

  والعاشر: نفقة من يعوله؛ لأن نفقتهم كنفقته، ويجب أن يكون قدر ذلك فضلاً عن مسكنه وخادمه والإنابة التي لا بد له منها، وإن كانت له دار لم يلزمه بيعها، وإن كان له دراهم ليس له صرفها إلى شراء دار إذا كان في وقت الحج، ويشترط في النساء مع جميع ذلك المحرم عند أهل العراق، وقال الشافعي: لا يشترط.

  والحج يشتمل على أركان وواجبات وسنن، وهو ثلاثة: إفراد، وقِران، وتمتع، وموضعه كتب الفقه، وتدل الآية على كفر من خالف، ولا بد أن يتعلق هذا الكفر بالحج، وعليه إجماع الفقهاء، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: معناه من كفر بوجوب الحج، ومنهم من قال: من كفر بأن اللَّه أوجبه وحرم تركه، ومنهم من قال: لم يحج ولم يطع، والأول هو الصحيح؛ لأن تارك الحج مع اعتقاد وجوبه لا يكفر، وهو كتارك الصوم والصلاة والزكاة، وتدل على بطلان مذهب الجبر؛ لأنه أوجب الحج بشرط الاستطاعة، وعندهم أحد لا يستطيع ذلك قبل فعله، وذلك يدل على أن الاستطاعة قبل الفعل، ولأنه أوجب الحج عليهم إن استطاعوا، ولو كان خلقًا له لما صح الإيجاب، ولا يشترط الاستطاعة، وذلك يبطل قولهم في المخلوق.

قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ ٩٨ قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ٩٩}