التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا 25 وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا 26 إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا 27}

صفحة 4190 - الجزء 6

  قلنا: ذلك تعهد وإصلاح وليس فيه تعظيم.

  وتدل على أنه لا ينبغي أن يتبرم بهما، وأنه يلزمه برهما ما داما حيين، وأنه ليس ذلك بمقصور على أحوال الدنيا بل يلزمه في أحوال الآخرة ما أمكنه من الدعاء لأنه لا يقدر على غيره، وقيل: إنه تعالى أوصى الأولاد لقصور شفقتهم، ولم يؤمر الآباء بالأولاد لوفور شفقتهم.

  وتدل على أن القضاء قد يكون لا بمعنى الخلق لأنه ههنا بمعنى الأمر والإيجاب، أو الحكم باتفاق المفسرين، وروي أن رجلاً جاء إلى الحسن وقال: طلقت امرأتي ثلاثاً، فقال: عصيت ربك وبانت منك امرأتك، فقال الرجل: قضى اللَّه ذلك علي؟ فقال الحسن: ما قضى اللَّه وتلا هذه الآية. فقال الناس: تكلم الحسن في القدر.

قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ٢٥ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ٢٦ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ٢٧}

  · اللغة: الأواب: التواب، وهو فعال من الأوبة، وهو الرجوع، فالأواب الذي يتوب مرة بعد مرة، يقال: آب يؤوب أوباً إذا رجع من سفره، فإذا كثر الفعل قلت: أوب يؤوب تأويباً، قال عبيد بن الأبرص:

  وَكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَئُوبُ ... وَغَائِبُ الْمَوْتِ لَا يَئُوبُ

  التبذير: التفريق بالإسراف، بذر تبذيرًا،